"أحيانًا يموتُ الغرقَى وهم يصارعونَ يدَ الإنقاذ الممدودة."
حين نُشرت هذه الرواية عام ١٩٩٣ كرواية خيال علمي ديستوبيّ عن كاليفورنيا عام ٢٠٢٥، لم يكن واضحًا بعد المدى الحقيقي لأزمة الاحتباس الحراري على حياة الناس. لم يتخيَّل أحدهم حينها الاستيقاظ على أخبار الحرائق الهائلة كالحرائق في اليونان وتركيا والجزائر. لم يتصور أحد أزمة شح المياه والأمن الغذائي تلوحان في المستقبل القريب جدًا، ولا انتشار الإدمان على المخدرات المصنَّعة في السراديب وعلى التقنيات التلفزية القائمة على الانفصال عن الواقع بسماعات الرأس وخواتم اللمس. ولم يتصور أحد التهديد بانسحاق الطبقة الوسطى تحت سطوة الشركات العابرة للقارات. كانت أميركا التسعينيات، ومعها العالم بأسره، تعيش وفرة اقتصادية وتقف على عتبة ثورة تقنية تعد بالخير للجميع. أوكتاڤيا بتلر، في روايتها "مثل الزارع"، تتنبأ بعالم نشهد اليوم بداياته. دليلها، كما تقول بطلة الرواية لورن أولامينا، إمعان العقل، وملاحظة الناس، ورؤية الواقع على ما هو عليه دون إنكار.
ورغم واقعيتها المخيفة، فالرواية حكاية نجاة وأمل وشجاعة ومحبة. حكاية نتعلم منها أنَّ تحصُّنَكَ داخل الأسوار لن يقيك شرَّ الظلم الواقع على الناس خارجها. أنَّ التغيير حتمي، ويأتينا بكل الأشكال. فإما نكن مستعدين للتغيُّر معه ونتعلم كيف نخلق حياةً جديدة صالحة، أو نهلك.