سلة التسوق الخاصة بك فارغة الآن.
مد آدم يده ليلتقط كتابًا من أعلى رفوف المكتبة، لم يكن يعلم أن هذا الكتاب يدون مذكرات أمين مكتبة تتطابق تفاصيل حياته ومشاعره مع حياة آدم الذي يخوض رحلة غير متوقعة في اكتشاف ذاته، ثمة تشابه مدهش بينهما، مثل كتابين متجاورين في مكتبة تفصل بينهما فسحة لا مرئية يعبر من خلالها الهواء، والزمن، وحدود رمادية كتلك التي تقسم الخرائط. تشبه تلك المكتبة ذاكرة الحياة التي تطوينا بين صفحاتها الناعمة، وتحيطنا بفسحات الصمت، وتكمل بنا فراغات حكاية لم تكتمل بعد. يقرأ آدم صفحات الكتاب تاركًا الكلمات تنفذ إلى قلبه، يشم رائحة الكتاب، يتحسس غلافه العتيق الذي تبرز فيه الكلمات بحروف من ذهب، يغرق عقله في التفاصيل، ويسبح خياله فوق غيوم الخيال فتعبر الزمان والمكان، وتتحدى قوانين الطبيعة فوق بساط سحري لا يراه أحد غيره، إلى أن يهبط فوق عتبات المكتبة ويتأمل حياته الهاربة في زمن بعيد، لكنه يخشى في نهاية المطاف أن تتشابه نهايته مع نهاية صاحب المكتبة الذي أفنى حياته بين جدرانها فنسيه الزمان ونسيته الحياة، ولم يبقَ منه شيء، فقط محض مذكرات يشوبها الغموض والوحدة ورائحة الكتب . لكن ثمّة مكتبة وثمة كتاب يخبآن أسرارهما، ويطلقان صرخة مكتومة في سكون الليل الأبدي.