أعادتني رواية "المتاهة" للكاتب المصري أيمن توفيق، إلى نصوص أخرى ماثلة في الذاكرة تتشابه معه في السياقات والثيمات. فثمة الروائي/ التجربة، وثمة النص/ الحدث.. وثمة وحدة الحال التي تجعل من نصٍّ مضت على صدوره عقودٌ يُحْدِث ما يُحْدثه من جدلٍ وتقبُّل وتأويل في ظلّ العراك مع المنفى.هكذا هو الأمر مع أيمن توفيق في روايته الأولى "المتاهة" التي عبّرت عن ولع إنساني "فائق" لدى الروائي، بالبحث عن الفرادة والخروج عن السائد.. والمغامرة أيضاً. ولِمَ لا؟هذه الرواية تضعنا أمام مرايا مختلفة، تسعى كل منها لتشكّل جهة من جهات النص، وتضيء عتماتها وصولاً إلى المبنى الذي يتسق مع ما يبتغيه المعنى.لقد تفاعلتُ مع
أعادتني رواية "المتاهة" للكاتب المصري أيمن توفيق، إلى نصوص أخرى ماثلة في الذاكرة تتشابه معه في السياقات والثيمات. فثمة الروائي/ التجربة، وثمة النص/ الحدث.. وثمة وحدة الحال التي تجعل من نصٍّ مضت على صدوره عقودٌ يُحْدِث ما يُحْدثه من جدلٍ وتقبُّل وتأويل في ظلّ العراك مع المنفى. هكذا هو الأمر مع أيمن توفيق في روايته الأولى "المتاهة" التي عبّرت عن ولع إنساني "فائق" لدى الروائي، بالبحث عن الفرادة والخروج عن السائد.. والمغامرة أيضاً. ولِمَ لا؟ هذه الرواية تضعنا أمام مرايا مختلفة، تسعى كل منها لتشكّل جهة من جهات النص، وتضيء عتماتها وصولاً إلى المبنى الذي يتسق مع ما يبتغيه المعنى. لقد تفاعلتُ مع هذا النص الذي ذكّرني بكلمات صديقي الشاعر سميح مسعود الذي كان يستفزني بحديثه عن "حيفا" وقد عاد لتوه من زيارة إليها، وهي كلمات عن الغربة والاغتراب والحنين عمّقت لدي مجموعة من الأفكار التي رأيتُني أقرأها في تجربة الروائي أيمن توفيق، خصوصاً أن الروائي هنا يؤمن أن الرواية الجيدة هي التي تحمل رسالتها بثقة، وهي التي تنتج عن حدسٍ خاص وهاجسِ تجاوز. إنها الرواية التي تُخْلص لنفسها، وتقود قارئها إلى خلاصٍ من نوع ما. كل ذلك يُبرز بنية الوعي المتحوّل لدى الروائي أيمن توفيق، التي تتأسس على تعدُّد الأشكال في الفكرة الواحدة أو في النص الواحد. ولعل ميزة هذا النص تكمن في كونه يأتي في مرحلة من تجربة الروائي يمكن دعوتها: "مرحلة الانصهار والعلوّ": انصهار الذات الراوية في اللغة وتركيباتها المتغيرة وتنويعاتها المحتمَلة؛ والعلوّ بسيطرة الروائي على عناصر نصه بحميمية لإحداث انطلاقة تقوم على التكنيك اللغوي والوجع الإنساني، وصولاً إلى أفق مأمول، ولو كان هذا عبر الاستعانة بالأسطورة، وتعالقاتها مع ما هو واقعي. إن هذا المنحى من شأنه الخروج على النموذج المؤطَّر الذي كثيراً ما استباح حرية الذات وعرقلَ انسياباتها المقترَحة في الكون الرحب.. إنّ نظرةً فاحصة لمراحل الكتابة أو تشكُّل النص في "المتاهة"، تحيل القارئ إلى أمرين: الخروج على النموذج، بل "قتله" من خلال توليدات فنية وإنسانية متتالية عبر حركية الشكل؛ وصياغة الرواية وفق الشكل الخاص الذي ارتأته الرواية نفسها لذاتها. ففي هذا النص تتجلى روح المغامرة والتجاوز وصولاً إلى الواقع الأغنى, الواقع الآخر الذي يتيح "الكشوف" الروائية، فتتشكل الرؤيا في ظل جدلٍ يستحدثه الروائي بين المرايا المختلفة في جوانية النص.