لا أدري هل ما قمت به جائز أو لا؟! حين تجرأت يدي اليسرى ذات يوم أن تسرق طبشورًا أبيضَ كان مُلقى وسط مجموعة من الطباشير الملونة على طاولة الأستاذ، لم يجذبني ولم يسحر ناظري من بين الطباشير سوى ذلك الطبشور الأبيض الذي كان يطرب مسامعي بمعزوفته المذهلة كلما احتكَّ باللوح الأسود، وهو ما أجبرني ودفعني لأضعه خلسة في جيبي دون أن يراني الأستاذ، وهذا ما كنت أظنه لوهلة. ولكن الأستاذ قد رآني وأنا أسرق الطبشور، عرفت ذلك عندما طالبني بغسل يدي مما تبقى من أثار السرقة الواضحة على أناملي، والغريب في الأمر أن الأستاذ لم يطالبني بإعادة الطبشور إلى مكانه، ففهمت حينها ما كان يرمي إليه ويقصده من فلسفة الصمت الممزوج بالغضب والأمل، ألا وهو مطالبته إياي بأن أخط وأكتب بهذا الطبشور في كل زمان ومكان قصصًا عن النفْس لا تنتهي إلا بانقطاع النفَس.