يا بني، أرشدك اللـه ووفقك لصالح الأعمال، إنك مني بمنزلة الولد من أبيه، يسرني أن أراك صحيح البنية، قوي الإدراك، زكي القلب، مهذب الأخلاق، محافظا على الآداب، بعيدا عن الفحش في القول، لطيف المعاشرة، محبوبا من إخوانك، تواسي الفقراء، وتشفق على الضعفاء، تغفر الزلات، وتعفو عن السيئات، لا تفرط في صلاتك، ولا تهمل في عبادة ربك. يا بني، إن ربك يعلم ما تكنه في صدرك وما تعلنه بلسانك، ومطلع على جميع أعمالك، فاتق اللـه يا بني، واحذر أن يراك على حالة لا ترضيه. يا بني، إياك أن تظن أن تقوى اللـه هي الصلاة والصيام ونحوهما من العبادات فقط، إن تقوى اللـه تدخل في كل شيء، فاتق اللـه في عبادة مولاك لا تفرط فيها، واتق اللـه في إخوانك لا تؤذ أحدا منهم، واتق اللـه في بلدك لا تخنه ولا تسلط عليه عدوا، واتق اللـه في نفسك لا تهمل في صحتك ولا تتخلق بسوى الأخلاق الفاضلة. يا بني، أقبل على طلب العلم بجد ونشاط، واحرص على وقتك أن يذهب منه شيء لا تنتفع فيه بمسألة تستفيدها. يا بني، لا تجالس من الناس إلا أهل المروءة والشرف والعفة والكمال، وإياك ومخالطة السفهاء ومجالستهم، واحذر مجالس الغيبة والنميمة جهدك، ولا تجالس أحدا من الفساق والفجار، وإياك ومعاشرة أهل الخبث والدسائس والنفاق، فإن الأخلاق السيئة تسري في الجلساء كما تسري النار في الحطب. يا بني، الأمانة من أجمل ما يتحلى به الإنسان من الفضائل، وضدها الخيانة، وهي من أقبح الرذائل التي تشين الإنسان وتحط من قدره. يا بني، الفقر من المال لا يعد في عيوب الرجال، يعاب المرء بقلة مروءته لا بقلة ثروته، ويحمد على جميل فعاله لا على كثرة ماله. يا بني، اجعل أعمالك كلها لخدمة مولاك الذي خلقك وسوَّاك لا تطلب بها غير وجه ربك، اترك الشر لأن اللـه تعالى أمرك بتركه، وافعل الخير لأن اللـه تعالى أمرك بفعله.