أنا بعيدًا عن الأنا.. أنا بعيدًا عن التكلُّف والتعسُّف بكلِّ بساطة وصراحة.. والحقيقةُ.. لا شيء أصعب على النفس من التحدث عنها.. غير أني آثرت خوض هذه الغمار شغبًا على الصمت... وتفلُّتًا من ((الأنا)) المذمومة، وبوحًا بالمسكوت عنه.. وما هذه المحاولةُ إلا خروجًا بالنفس إلى آفاق الواقع، وكسرًا لصنم ((العندية))، وهتكًا لحرز الكهنوت الذى صنعه البعض حول نفسه، علم أم لم يعلم.. ومن خلال هذه الوريقات.. سنُنَبِّشُ في الذكريات والآلام والآمال.. عسى منتفع ينتفع.. فهي معالم فكر... ورايات طموح... وكشف مستور.. وجرأة على الذات.. فخذها بقوة.. واعلم أنها كتبت بتلقائية... وهي عفو الخاطر... ولقد وجدتُ أن أجمل شيء في الحياة أن تعيشها كما هي بكل تلقائية وعفوية، وبلا تكلف فالتكلف صَنَع من الناس دُمًى باردة بلا مشاعر... بل حلت المادية الجافة من الناس محل سوء... فعاش الناسُ جفافًا عاطفيًّا، حتي باعوا عواطفهم.. وامتهنوا أحاسيسهم، وخاضوا في أوحال المجاملات الممجوجة.. حتى أصبحتَ تشعر بالاختناق إذا غشيتَ مجالسهم.. وما هذه الوريقات إلا زفرات مصدور.. خاضعةٌ لناموس الحق...